أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / النشيد .. رؤية أخرى – مقال تحليلي

النشيد .. رؤية أخرى – مقال تحليلي

منذ فترة ليست بالقصيرة تطالب أطياف شتى من داخل المعارضة وخارجها بضرورة تغيير النشديد الوطني الذي يصفه أحد المعارضين لمعناه ومبناه بإنه موعظة حسنة خلت مما يراد من النشيد أن يوصل من رسائل، تلك المطالبات الملحة بضرورة الإصلاح يبدو أنها لقيت آذانا صاغية من صناع القرار،  وما إن بدأ النقاش يطرح حتى اعتبر هذا نوعا من التنكر للرعيل الأول وأن الإمساس به إن هو إلا نسف للتاريخ وعقوق ما بعده عقوق؛  وبدأ نفر من الذين يحسبون النشيد من صميم أمجادهم الخاصة يضفون عليه ما بدا أنه مسحة جهوية وربما قبلية!،  على أن أنصار التغيير الذين ضاقوا ذرعا ببرودة نشيدهم الأول اعتبروا هذا فتحا مبينا وانتصارا للروح والكلمة و وضعا للأشياء في نصابها الطبيعي و مغامرة تستحق أن تخاض،
كانت السلطة في كل هذا وذاك هادئة تمشي الهوينا لا تبدو على عجلة من أمرها وإن بدأ النقاش يزداد رويدا رويدا، متأثرا بأحداث سباسية مصاحبة للتعديل. فالسلطة تعي أن المعارضة التي خسرت الرهان وفقدت البوصلة نتيجة أخطائها بنفسها بدت في المشهد واهية وضعيفة لا ترى من نفسها ندا و لا خصما جديرا بأن يفرض عليها بعض المطالب،  وهي في داخلها مذاهب  وطرائق قددا،  قادها العيش معا حينا من الدهر إلى تنافر غريب، كل يرى في نفسه الأحقية بالقيادة وكل يرى الآخر خائنا المباديء ناكثا للتفاهمات السياسية البينية،  وكذا التجارب السيئة تفقد الناس الثقة فيما بينهم.
يظن البعض أن الرئيس لم يكن بحاجة إلى التغيير الذي أثار الجدل وهو الذي يزمع الخروج من السلطة رغم أن عشرات الدول قامت به دون أن يسمع صوت أو يكون شيئا يستحق، ولعلنا نلفت إلى أن أي معارضة لا تمتلك رؤى سياسية واقتصادية وتأطيرا وخطا صريحا ليس أمامها إلا أن تضيع ضياعا في أتون الجزئيات وربما جعلت هذه الجزئيات شغلها الشاغل فضاعت و أضاعت. على أن السؤال الذي كان جديرا بأن يطرح في الأوساط المثقفة والجادة التي ينبغي أن تناقش الأمور بعيدا عن عصبيات الولاء السياسي  و الجهوي و العرقي ، هل من حاجة ماسة لتغيير النشيد؟، أعتقد أن التغيير يجب أن لا يرفض لأنه تغيير. و بما أن النشيد القديم كانت فيه برودة لا تخفى، على طيب كلماته، وهو عيب كبير كاف لأن يفقده صفة نشيد وطني.
في هذا المشهد وفقت السلطة لأسباب عديدة منها ضعف المعارضة وثانيها وجاهة التغيير. رغم مخاطره الشعبية،  فأهل السياسية يفهمون فهما الفرق بين القرار الصائب الذي لا شعبية له والقرار الخاطئ صاحب الشعبية، وغالبا ما يفضل السياسي الأخير لأنه يجلب المنفعة الذاتية.
على العموم كانت السلطة طيلة المسار الذي كثر فيه الخصام السياسي على حدث ما كان يستحق الجدل بهذه الصورة كما بينا ، فلو تم هذا التعديل دون إلغاء مجلس الشيوخ لكان حدثا عاديا، أما ما يتم الحديث عنه من فشل فهو حديث لا علاقة له بالمستقبل لأن النشيد  القديم أصبح من الماضي وعلى الجميع أن يعتاد على تكرار:
بلاد الأباة الهداة الكرام.

 

موقع تابرنكوت .

صدقة جارية